طبكيريه 3-3
( دكان التبغ )
فرناندو بيسوا
ترجمة : المهدى أخريف
يا جوهر موسيقى أشعارى اللامجدية
هل أقدر أن ألقاك كشئ يخصنى , كشئ انا صانعه
بدلا من أن أبقى قبالة الطبكيرية
حيث أدوس وعيى بأننى موجود
مثل بساط يتعثر فوقه سكير
أو حصير سرقه غجر وهو لا يساوى حبة خردل .
لكن صاحب الطبكيرية ظهر بالباب ولبث واقفا هناك
أنظر إليه بضيق من يحمل رأساً فى وضع غير مريح
بضيق فهم سئ للروح .
سيموت هو وأموت أنا
هو سيترك يافطته وأنا سأخلف أشعارى
بعد حين ستتلاشى اليافطة وأشعارى ستغيب
بعد ذلك سيموت الشارع حيث كانت اليافطة
ثم تموت اللغة التى بها كتبت تلك الأشعار
فيما بعد سوف يتلاشى الكوكب السيار الذى حدث فيه هذا كله ..
فى كواكب أخرى لمجموعات أخرى سوف تواصل كائنات
شبيهة بالبشر
وضع أشياء تشبه الأشعار
تشبه العيش تحت يافطة متجر
دائما شئ ما قبالة شئ آخر
دائماً شئ لا جدوى منه تماماً مثل آخر
دائماً ما هو مستحيل وما هو واقعى فى البلادة سواء
دائما سر العمق أكيد مثل غوامض السطح
دائما هذا الشئ أو دائما ذاك أو لا هذا ولا ذاك
لكن هناك رجلاً دخل الطبكيرية ( ألشراء التبغ ؟)
فإذا الواقع المعقول يهوى بغتة على مرة واحدة
أنتصب بحيوية , مقتنعاً , إنسانياً
وأبدأ فى كتابة هذه الأبيات التى سأقول فيها العكس
أشعل سيجارة لدى التفكير فى كتابة الأبيات
وأتذوق فى السيجارة حرية الانعتاق من كل أشكال التفكير
أدخن وأتابع الدخان كما لو أنه مسارى الخاص
وأتلذذ فى لحظة إحساس
بالتحرر من كل التأملات
واعياً أن الميتافيزيقا إنما هى نتيجة لمزاج متعكر
وبعد هذا كله أتراجع فوق مقعدى
وأتابع التدخين
سأتابع طالما القدر يتيح ذلك لى
( لو تزوجت ابنة غسالتى لربما كنت سعيداً الآن )
أغادر مقعدى , ما دام الأمر كذلك , أتجه صوب النافذة
لقد خرج الرجل من الطبكيرية ( أَوَدسّ بقية النقود فى جيب البنطلون )
آه إننى أعرفه , إنه استيبا الذى بلا ميتافيزيقا
( صاحب الطبكيرية يعود إلى باب دكانه )
مدفوعاً بغريزة إلهية , إستيبا استدار
ولمحنى :
حيانى بيده فصحت به ! وداعاً استيباً
وإذا الكون
يتشيد من جديد فى داخلى
بدون مثل أعلى ولا أمل
وصاحب الطبكيرية يبتسم .
15 يناير 1928