ملتقى إبداع الشرق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى إبداع الشرق

من اجل ثقافه عربيه حره ومبدعه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
راوي بشر
مشرف
راوي بشر


ذكر عدد الرسائل : 148
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟ Empty
مُساهمةموضوع: آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟   آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟ I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 16, 2008 7:02 pm

[size=24]
[size=16][size=25]آه يا من اخترتم طريقكم ، إلىأي حد يفضل حالكم حالي ؟


أورهان باموك – الحائز على نوبل للآداب 2006

آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟ 5bf90ca311

الفتاة التي يحبها تزوجت شخصاً آخر وسرعان ما أنجبت منه طفلاً . ستقولون إن هذا موقف شائع وربما يماثله في الشيوع قيام العاشق الشاب الذي تخلت عنه حبيبته بكتابة كتاب يحكي عن " آلامه " يرسل غوته ذو الخمسة وعشرين عاماً الكتاب الذي عنونه بـ " آلام فرتر الشاب " إلى الزوجين الذين تزوجا حديثاً ، مرفقاً برسالة . ثمة جملتان أكثر إثارة للاهتمام في هذه الرسالة التي يقول بنبرة متصنعة إنه " قبلها مئات المرات " والتي قرأتها في ترجمتها التركية التي قامت بها " ملاحة طوغار " : " ترى ماذا سأصبح ؟ آه يا من اخترتم طريقكم ، آه لو تعرفون كم أن حالكم أفضل من حالي .. "‏ .

ترى هل كان غوته يفكر بهذه الطريقة حقاً ؟ ماذا لو كانت هذه الكلمات هي من نوع تلك الجمل المتكلفة التي ترغم الرسائل المرء على كتابتها ؟ هل يؤمن المرء بإخلاص ـ وهو في الخامسة والعشرين من عمره ـ بأن حال الناس الذين " اختاروا طريقهم " هي أفضل من حالهم ؟ أم أنهم في حقيقة الأمر مستاؤون من حيرتهم ؟ علينا أن لا نحمل على محمل الجد كثيراً شكوى غوته على الأقل ، بالنظر إلى محافظته على تلك الحيرة حتى وهو في الثمانين . فخلال عمره المديد امتهن غوته كلاً من الشعر والقانون والسياسة والوظيفة الحكومية الكبيرة وعلم النبات وعلم الحيوان والفيزياء والنقد وإدارة المسرح والرسم. أي أنه باختصار يبدو كمن لم يختر طريقه بعد وهو في أواخر حياته . ولعل ذلك بسبب عدم تخليه عن شبابه . ذلك أن ما يتمتع بالجاذبية ليس اختيار طريق من بين الطرق ، وإنما الوقوف في نقطة تتيح لنا اختيار جميع الطرق معاً .‏

في هذا الموقف كثيراً ما تعتقد بأن ثمة أشياء كثيرة جداً بوسعك أن تفعلها في حياتك . لم يكتب أحد تاريخاً للدولة العثمانية بغنى ودهاء ، بوسعك إذن أن تكرس حياتك لهذا العمل . ثم قد يخطر في بالك هضم شكسبير بالكامل ، لابد إذن من دراسة الإنكليزية في قسم اللغات ! ثم الفرنسية أيضاً ، كذلك الألمانية ! لا ، عليك أن ترسم ! كرس حياتك إذن لإثبات إمكانية وجود مدرسة تركية في الرسم . اهضم النظريات والكتب ثم اعمـل في النقــد الأدبي . ترى كم عاماً يتطلب هضم النظرية ؟ أليس من الأفضل بعد معرفة الجواب ، أن تقتحم مجالات أكثر أهمية ؟ هل يستحسن البدء بنقد الحركات السياسية ، أم الانضمام إلى واحدة منها ؟ في حالات كهذه فإن قراءة السير الذاتية هو الخيار الأفضل . وأنت تقرأ قصة حياة أنيشتاين وعرضاً مبسطاً لنظريته ، فإنك تعتـقد بأنه من الممكـن أن تصبح فيزيائياً جيداً في المستقبل . الإخـراج السينمائي عمل جيد أيضاً ينبغي الذهاب إلى باريس ، ويمكن الذهاب إلى نيويورك . وقد يخطر في بالك الانخراط في عالم العشائر التركمانية المتنقلة . عليك أن تتجول الأناضول كله بلدة بلدة وتمنح هذا العمل عمرك بأسره ، لتعد كتاب أسفار أكبر من ذاك الذي كتبه " أوليا جلبي " ، لتثير دهشة القراء بعد ثلاث مئة عام . إذا أصبحت مهندساً ، فسوف يريحك التفكير بأنك لا تضيع وقتك بالكلام الفارغ ، وتنفع لعمل ما في كل وقت . وإذا شئت فبوسعك أن تكتب روايات بوليسية ، هذا النوع الأدبي الذي يثير استغرابك أن أحداً لم يتنطح إلى كتابته بعد في تركيا . ولكن هل يصح أن يهب المرء حياته كاملة لكتابة الروايات البوليسية أو لكسب النقود أو أسئلة الفلسفة المجردة ؟ إذا حدث واقتربت من تفاصيل حلم ما إلى درجة تحقيقه ، فإن الخوف سينتابك ليدفعك إلى البدء مجدداً من نقطة الصفر مع حلم آخر .‏

هذا الإنسان الشاب ذو العقل المشوش ، المستعد للتخلي عن كل شيء والذي في الوقت نفسه لا يتخلى عن أي شيء ، هو الموضوع الأثير في الرواية الكلاسيكية . يركض أبطال ستاندال " النابليونيون " وراء حبيباتهم ووراء الارتقاء الاجتماعي . أما بطل غوته المدعو " ولهام ميستر " فهو ينتقل من مهنة إلى أخرى مثل مبدعه ، في حين أن " فريديرك موروا " بطل فلوبير " يندفع بانفعال هنا وهناك . أما توماس مان آخر مقاربي تلك الشخصيات بواسطة قيم الرواية التقليدية فإنه يغرقهم في المسائل الفكرية . وحينما ننتهي من قراءة تلك الروايات السميكة من القرن التاسع عشر والمسماة بالروايات التربوية ـ التطويرية ، فإن مرارة تترسب في أعماقنا .‏

الأبطال الشباب ينتهون إما إلى الهزيمة أو الفناء أو أنهم ـ وهذا هو الغالب ـ يهتدون إلى طريق وسط ويتصالحون مع محيطهم . وكأن صوت الكاتب البارع الذي يعرف جيداً قواعد الحياة والعالم ، وينصحنا بمعارفه بطريقة أبوية ، يخاطبنا قائلاً بنبرة سلطوية : " ثمة دائماً طريق وسط ، جيداً كان أم رديئاً ، سوفت تهتدون إليه ، فتحدث تسوية بين أحلامكم وبين الحياة الواقعية ، وتتصالحون . إنها الحياة " ويتمادى البعض فيسمي هذه المصالحة " نضجا ً". إذا كنتم ما تزالون مصممين في ترددكم فإن هذا الكلام سيذكركم بنظرات أصدقائكم الذين احترفوا مهنة وتزوجوا ، والتي تناديكم بأن تحذوا حذوهم ، فتكتشفون بأنكم لا تريدون أن تنضجوا .‏

لكن ثمة كتّاب يمنحونك الأمل أيضاً . لا يصالح دستويفسكي أبطاله ، بل يوحد تشوش أذهانهم بتشوش رواياته ، ثم يترك العقدة من غير حل . ولعل ما يضفي الحيوية على رواياته هو التشوش الروحي والشكلي . لهذا السبب كان لـ روايات أخرى من رواياته عنوان روايته الأسوأ ، عنيت بها " المراهق " أو بشيء من التسامح " المراهقون " . لعل دوستويفسكي مازال يخاطب صبانا حتى اليوم بسبب تخليه عن موقف الكاتب الأبوي المجرب الذي يعرف الحياة بصورة أفضل من القارئ . وبذلك نستطيع أن نلاحظ أن دوستويفسكي هو أحد أول الأبواب التي تتفتح على الرواية الحديثة . إننا نشعر بالقرب من أولئك الذين ينظرون إلى حيرتنا وترددنا باعتباريهما نمطاً للحياة ، لا مرضاً عارضاً .‏

لكن التردد بصفته نمطاً للحياة ، هل هو ترددُ حقيقي ؟ ألا يمكن أن غير المختار شيء قد اختار ؟ عندما يدرك المرء ذلك ، فإنه يفهم أن عليه أن يأخذ حذره من شراك أخرى أيضاً فضلاً عن الاهتراء الجسدي والزمن : ترى هل بدأنا نشبه الناس الآخرين ممن يتعلقون بأمور أخرى غير مسألة تغيير أنفسهم وتغيير العالم ؟ ترانا نستسلم من غير دراية ونصبح تدريجياً مثل أولئك الذين نستخف بهم ونسخر منهم ؟ إن الرواية الحديثة تتفحص بصورة أفضل هذا الوعي الذي يعجز عن تحديد جريمته وبراءته الخاصتين بدقة ، والذي يخاف آثامه سلفاً ، وترينا العالم عبر نظارتيه المثيرتين للتشويش والمفعمتين بالحيوية ، غير أنها لا تساعدنا قط في الوصول إلى نتيجة . حينما تقرأ تلك الروايات فإنك تعتقد أن كتابة الرواية هي نتيجة لهذا التردد . هذه الروايات سوف تشير بدورها إلى لا ـ حلول جديدة ، فتلهي القارئ .‏

يرحل همنغواي إلى إفريقيا للصيد ؛ ويشبه أبطال سكوت فيتسجيرالد الكاتب في إدمانهم على الكحول ؛ في حين أن أبطال سارتر يتعبون عقولهم بالحزن والارتباط المبنيين على ترددهم . لعل الأمر الوحيد الذي استطاع الكاتب أن يتحدث عنه ببهجة وفرح ـ حتى لو كانا غير ملحوظين ـ إنما هو شبابه الخاص . لن نعثر قط في رواية القرن العشرين على بطل تولستوي المدعو " ليفين " ذاك الذي يتزوج وينجب أولاداً بهناء واطمئنان . ثمة على الدوام شقاء ينتظر أبطال الرواية الحديثة بعد الشباب الصاخب الذي عايشوه . ها هو " أرتيميو كروز " كارلوس فوينتيس يفعل ما فعله كثير من أقرانه فيتخلى عن أحلامه السياسية وينخرط في عالم العمل .‏

أما نحن أبناء البلاد المتخمة بالمشكلات السياسية الكبيرة ، فإن ترددنا يتعمق بفعل عامل آخر . فقبل الانخراط في عمل من الأعمال ينبغي خلق الشروط التي من شأنها أن تتيح القيام بهذا العمل بصورة جيدة . فهل يمكن أن تكتب كتباً في بلاد لا يقرأ فيها أحد ، وهل يمكن الاندفاع نحو دراسة الفيزياء في بلاد لا مخابر فيها ، ولِمَ يصبح المرء مهندساً معمارياً إذا كان الناس لا يهتمون بنظام البيئة المحيطة بهم ؟ علينا أولاً أن نغير البلد ، فقط بهذه الطريقة يمكن لنا أن نمارس عملنا بصورة جيدة ! في كثير من الأحيان نتمتع بتصميم سياسي قوي قوة ترددنا .‏

ولكن لا المجتمع يلقي بالاً إلى هذا التصميم ولا التاريخ . سندهش إزاء اللامبالاة العنيدة وغير المعقولة . أما إذا حاولتم أن تعلنوا عن استغرابكم بشيء من الضجيج ، فإنهم سرعان ما يذكرونكم بأن شبابكم ما هو إلا وعكة صحية عارضة . لديهم مخططاتهم التي تستهدف إنقاذكم من مرض أحلامكم وخيالكم . لعله من الضروري إقامة ملعب رياضي في كل حارة ؛ أو لعلكم تفوزون بالراحة والاستقرار إذا صوتُّم في الانتخابات . يقومون بتصنيف أحلامكم وحيرتكم حتى يدفعوا بكم إلى الخجل من أنفسكم . فأنتم سريعو التأثر ، ولا ترون في أمور الحياة إلا الأبيض والأسود ، وتطلقون أحكام قيمة بدلاً من أن تفهموا ، وأنتم إطلاقيون ! ثمة حل يتمثل في زيادة عبء الدروس عليكم حتى لا تجدوا وقتاً للتخيل ، أنتم تتحدثون بهذا المنحى لأنكم ربما تعانون من بعض المشكلات وعندما تقولون بوجوب تغيير كل شيء تغييراً جذريا ً، فإنهم يذكرونكم بمشكلاتكم الجنسية . فقد قاموا باستقصاءات ميدانية حول هذا الموضوع ونشروا احصائيات . يستخدمون فكرة أن الشباب هو أجمل مراحل الحياة ، لتذكيركم بعرضية المرض . هذه الفكرة النمطية تعني بأنك ستدفع يوماً ثمن آثامك . ويجرب آخرون أن يجرحوا كبرياءكم بالقول مثلا ً: " لماذا يتوجب علينا الإصغاء إلى كلام شخص متردد لم يصبح شيئاً بعد ؟ فضلاً عن أننا تخيلنا في زمن مضى الأحلام نفسها . وما أدرانا بأنكم لن تغيروا أفكاركم حين تنضمون إلينا وتصبحون في مثل عمرنا ؟ " أنتم محاطون من كل جهة بأمثلة مخيفة ومخجلة تؤكد صحة ما يذهبون إليه . يدعونكم إلى الانضمام إليهم حتى تروا الحقائق وتختبروا مواهبكم وأحلامكم الطموحة ، ولسان حالهم يقول لكم : " كن مثلنا ، لترى بنفسك "‏ .

ليس من السهل أن تتجاهلوا تلك النداءات ، فضلا عن أن الزمن يمر : فكم بوسع المرء أن يتحمل بعد ، دون أن يختار طريقاً بين الطرق ؟ من المحتمل أن تتعبكم أحلامكم ، كما أنه من المحتمل أن تؤمنوا بأنكم ستنجزون عملكم بصورة أفضل مما يفعلون . هل ثمة طريقة تنضمون بها إليهم من غير أن تتخلوا عن أحلامكم ؟ هذا هو ما تفكرون به . ولعلكم بدأتم تقتنعون بأنكم لن تصبحوا كل شيء معاً ؛ أو لعل حبيبتكم قد تزوجت واحداً منهم وأنجبت أولاداً . ولكن هل يريد المرء حقاً أن يتماثل إلى هذا الحد مع الآخرين ممن " اختاروا طريقهم " ؟‏



[/size]
[/size][/size]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.youtube.com/
 
آه يا من اخترتم طريقكم ، إلى أي حد يفضل حالكم حالي ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى إبداع الشرق :: صالون الأدب والثقافه :: روائع الادب العالمي-
انتقل الى: